12 ديسمبر، 2024

مدن ما بعد السيارات.. كيف تحولت أوروبا؟

بواسطة في 8 أغسطس، 2019 0 787 Views

بجوار نهر شيلدت في أنتويرب، ستلاحظ السكوتر الكهربائي منتشرًا بشكل مزعج وبغيض فكيف غزت هذه الأجهزة الصغيرة بشكل مفاجئ كل أرصفة المدن الأوروبية الكبيرة؟

أوروبا تتحول إلى مدن ما بعد السيارات..

يشهد الأسكوتر الكهربائي في أوروبا ظاهرة ترحيب على نطاق واسع بجميع أنحاء القارة، فسمحت التطبيقات الجديدة الكثيرة تأجير هذه الدراجات الكهربائية والتي يلجأ إليها السكان للتغلب على حركة المروو، كما نمت مسارات الدراجات بل وزحفت إلى خارج المدن، لتزيد بنسبة 50% في خلال خمس سنوات بباريس وحدها.

إنه حقًا أمر مزعج للبعض، خاصة إن هذه الماكينات الكهربائية المتحركة دفعت الحكومات لسياسات جديدة منها خفض حدود السرعة للسيارات، وحظر السيارات في بعض الأماكن بل وفي أيام أخرى جعلتها خالية من السيارات، كما أنشأت الشوارع للمشاة واستبدالت مواقف السيارات بمواقف الدراجات، وهو ما جعل المكان مهيأ تمامًا للدرجات فقط.

الفوضى الحضارية:

لم يعتاد الأوروبيين على هذه الفوضى الحضرية، فمن سلبيات تلك الدرجات البخارية الإزعاج، الذي دفع البعض في باريس لنشر حملاتهم ضد “الفوضى الحضرية” على حد قولهم، بل وفرض رؤساء البلديات اللوائح على استخدام تلك الدراجات وتخزينها.

وانتقد بعض السياسيين التدابير البلدية القاسية التي فرضت على سيارات الديزل، ووصفت أنجيلا ميركل التشريع الصادر في هذا الأمر في المدن الألمانية بأنه “غير متناسب” اتبعها في ذلك، عمدة مدريد المحافظ الجديد الذي رغب في تخفيف الحظر المفروض مؤخرًا على السيارات الملوثة.

إنها قضية صفية بالنسبة للبعض، ففرض فيها المتسولين الإيكولوجيين الحضريين دراجاتهم البخارية على الضواحي وسكان الريف الذين يعتمدون على سياراتهم. أما الآخرون فيروا إنها مفارقة تاريخية حيث ستكون السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة أكثر نظافة، وأكثر هدوءًا، وأكثر كفاءة لمستخدمي الطريق.

أنتويرب هو الترياق الجيد لمثل هذه الاعتراضات:

أنتويرب مثل العديد من المدن الأوروبية كـ”كولونيا وبرمنغهام وميلانو”، فقد وقعت ضحية لمخططي ما بعد الحرب المعجبين بالمدن الأمريكية المتمركزة حول السيارات. فتم تجريف الطرق السريعة والجسور حولها وعبرها، واتسعت الشوارع القديمة وتحولت الساحات إلى مواقف للسيارات. جعل هذا أنتويرب من أسوأ المناطق ازدحامًا في أوروبا الغربية. ولكن في العقدين الماضيين، غيرت المدينة مسارها، حيث بنت شبكة كثيفة من ممرات الدراجات، وأرصفتها الواسعة، وشوارع وساحات المشاة وفرضت قيودًا على حركة المرور.

والنتيجة كانت رائعة. فأصبح بإمكانك ركوب الدراجة أو السير من جانب لأخر من مركز المدينة دون أن ترى سيارة خاصة في الضواحي، فتحكمت الدراجات بالطريق، وانتشرت المقاهي على الأرصفة، وكذلك الأشجار والشجيرات فقط غطت أماكن وقوف السيارات المملوءة في الشوارع السكنية مثل شارع لامورينيير. فالطرق السريعة للدراجات واسعة بدرجة كافية بل وتحكمها إشارات مرور خاصة بها ومنفصلة تمامًا عن السيارات.

حتى الدراجات البخارية الكهربائية لها فوائدها:

تشغل الدراجات البخارية الكهربائية مساحة أقل بكثير من السيارات في الركن على الأرصفة، ففي شوارع وسط مدينة أنتويرب الهادئة، فأنت تدفع سعرًا معقولًا مقابل استخدام الاسكوتر علاوة على ذلك، فإن الدراجات البخارية ومخططات الدراجات تجعل المدن المهملة أقل نخبوية. فطالما كانت المدن الجامعية والأحياء المركزية العصرية ملائمة للدراجات.

كما إنها الحل البديل لشراء السيارات لأنها أرخص، كذلك تربط الدراجات بين المدن والطرق السريعة والأماكن النائية وشبكات وسط المدينة، كما هو الحال في ألمانيا.

كل هذا التحول بدا وكأنه ثورة في مناظر المدينة الأوروبية. ولكنها محاولة جيدة للتطلع إلى المستقبل، والتحرك بسلاسة في هذه المدن، فوجدت الدرجات البخارية مكانًا لها بل وأصبحت جزءًا من الأثاث الحضري، الذي لن يتغير.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *